قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 2/2016 بتاريخ 24 ماي 2016 المتعلق بمشروع قانون البنوك والمؤسسات المالية
الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 2016-044
متوفر باللغة
FR
AR
قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 2/2016 بتاريخ 24 ماي 2016 المتعلق بمشروع البنوك والمؤسسات المالية.
باسم الشعب،
إن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،
بعد الاطلاع على الدستور وخاصة الفصول 2، 15، 21، 41، 52، 60 و62 منه،
وعلى القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وخاصة الفصول 18 و19 و20 منه،
وعلى القرار الجمهوري عدد 89 لسنة 2014 المؤرخ في 22 أفريل 2014 المتعلق بتعيين أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،
وعلى مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية،
وعلى عريضة الطعن في مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية التي رفعتها مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب يمثلها النائبان عبد الرؤوف الشريف وأحمد الصديق والمرسمة بكتابة الهيئة تحت عدد 01/2016 بتاريخ 18 ماي 2016 وتتضمن النواب الآتي ذكرهم :
عبادة الشنوفي الكافي، مصطفى بن أحمد، سهيل العلويني، محمد الطرودي، الصحبي بن فرج، عبد الرؤوف الشريف، المنذر بلحاج علي، وليد جلاد، توفيق والي، هدى سليم، صلاح البرقاوي، محمد نجيب ترجمان، هاجر العروسي، محمد الناصر جبيرة، خولة بن عائشة، نادية زنقر، سماح بوحوال، رابحة بن حسين، ليلى الزحاف، حسونة الناصفي، مريم بوجبل، طارق البراق، زياد الأخضر، شفيق العيادي، عمار عمروسية، مراد حمايدي، منجي الرحوي، أيمن العلوي، عبد المؤمن بلعانس، مباركة عواينية براهمي، أحمد الصديق، نزار عمامي، هيكل بلقاسم، سعاد بيولي الشفي، فتحي شامخي، جيلاني الهمامي، فيصل التبيني.
وبعد الاطلاع على ما يفيد إعلام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة بترسيم عريضة الطعن المشار إليها ومؤيداتها بكتابة الهيئة،
وقد تضمنت عريضة الطعن طلب التصريح :
أولا : عدم دستورية إجراءات المصادقة :
حيث نعى الطاعنون على هذا المشروع خرق الفصلين 52 و60 من الدستور بحجة أن المالية والتنمية والتخطيط أحالت مشروع القانون المذكور على مكتب المجلس يوم 9 ماي 2016 ليتقرر إحالته على الجلسة العامة يوم 10 ماي 2016 رغم لفت نظر رئيس مجلس نواب الشعب من قبل نواب المعارضة إلى أن هذه الإحالة جاءت للفصل 138 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي ينص على أن توجيه الدعوة للجلسة العامة يكون قبل أسبوع من انعقادها ويختصر هذا الأجل إلى ثمانية وأربعين ساعة في حالة الاستعجال وعليه فإن خرق هذا الفصل من النظام الداخلي هو خرق للفصل 52 من الدستور الذي ينص على أن مجلس نواب الشعب يضبط نظامه الداخلي بالأغلبية المطلقة لأعضائه وللفصل 60 من الدستور الذي ينص على أن المعارضة هي مكون أساسي في مجلس نواب الشعب.
ثانيا : عدم دستورية مضمون بعض أحكام مشروع القانون بحجة :
1 ـ خرق الفصل 2 من الدستور بحجة أن الصيغة النهائية المعروضة على الجلسة العامة للمشروع المطعون فيه تضمنت استبدال تسمية الهيئة المنصوص عليها بالفصل 56 من "هيئة شرعية" إلى "هيئة مراقبة معايير الصيرفة الإسلامية"، وهو تغيير يشمل الاسم دون المسمى ذلك أن المشرع قد أحدث بموجبها مرجعية جديدة وقواعد منطبقة في الميدان البنكي تنافي القانون الوضعي وتحتكم إلى ما جاء بالفقه الإسلامي من قواعد واجتهادات، ذلك أن المشرع وإن كان له أن يستلهم في تشريعه من القواعد الشرعية غير أنه لا يمكنه إنفاذ قواعد الشريعة الإسلامية وجعلها منطبقة مثل القوانين الوضعية وخلاف ذلك فهو خرق للفصل 62 من الدستور الذي ينص على مدنية الدولة وعلوية القانون الوضعي على سائر القواعد والضوابط وإن كانت دينية.
2 ـ خرق الفصل 62 من الدستور بدعوى أن المالية والتنمية والتخطيط قد أدخلت تغييرا جوهريا على الفصل 11 من الصيغة الأصلية للمشروع كما ارتأته الحكومة بأن عوضت صيغة هذا الفصل الذي تضمن إحداث هيئة شرعية قطاعية يعهد لها إصدار المعايير الشرعية المتعلقة بعمليات الصيرفة الإسلامية والمالية الإسلامية... بصيغة جديدة يتولى بموجبها البنك المركزي التونسي مراقبة مطابقة عمليات الصيرفة الإسلامية للمعايير الدولية في هذا المجال، وبهذا التغيير تغيرت كل الآليات الرقابية التي تضمنها مشروع القانون المقدم من الحكومة وعليه تكون اللجنة المذكورة قد عهدت إلى الجلسة العامة بمشروع جديد غير ذلك المعروض عليها من الحكومة ويستند الطاعنون في ذلك إلى ما كانت قد ذهبت إليه هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين في قرارها بتاريخ 8 جوان 2015 بمناسبة النظر في الطعن المرفوع لديها في مشروع القانون عدد 16/2015 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء من حيث، "تعهد الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب للنظر في... حيث رأت الهيئة أنه "لم يراع فيه وجوب المحافظة على عرض مشروع الحكومة بوصفها صاحبة المبادرة التشريعية في هذا الغرض حسب التوجه والتصور المحدد من قبلها تطبيقا لمقتضيات الفصل 62 من الدستور ولا جواز لأية جهة كانت مناهضة هذه القاعدة الدستورية التي تحظى بعلوية مطلقة..."
وبناء على ما تقدم يرى الطاعنون أن المشروع الطعن قد جاء مخالفا للفصل 62 من الدستور واتجه تبعا لذلك التصريح بعدم دستوريته.
3 ـ خرق الفصل 152 من مشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية للفصلين 15 و41 من الدستور بحجة أن هذا الفصل من المشروع المطعون فيه ـ والمتعلق بتعويض صندوق ضمان الودائع البنكية للمودعين في حدود مبلغ أقصى يضبط بأمر حكومي الذي يضبط كذلك طرق وإجراءات التعويض في صورة وحل البنك أو المؤسسة المالية. جاء متعارضا مع الفصل 15 من الدستور عندما تغاضى عن تحديد الضوابط والمعايير في تحديد سقف التعويض الذي تركه للسلطة الترتيبية وهو ما يتنافى مع قواعد الشفافية والنزاهة المنصوص عليها بهذا الفصل من الدستور، كما أن هذا الفصل من المشروع المطعون فيه سمح ـ حسب الطاعنين ـ بإمكانية النيل من حق الملكية بمقتضى أمر حكومي ودون بيان الضمانات الممنوحة للمودع وهو ما يتعارض مع نص الفصل 41 من الدستور بكون "حق الملكية مضمون ولا يمكن النيل منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون".
4 ـ خرق الفصل 147 من مشروع القانون عدد 09–2016 للفصل 21 من الدستور بحجة تمييز المودعين من الأشخاص الطبيعيين غير المهنيين عن بقية المودعين وخاصة منهم المودعون من غير المهنيين وتجاوز ذلك إلى التمييز بين الدائنين الذين تواجدوا في رتبة واحدة من خلال فرض سقف تعويض أقصى حسب ما جاء بالفصل 152 من هذا المشروع، ويذهب الطاعنون إلى أن هذا التمييز لا مبرر له فضلا عن أنه أحدث امتيازا لصفة من المواطنين (بصفتهم مودعين) عن مواطنين آخرين لهم نفس الصفة وفي هذا خرق للفصل 21 من الدستور الذي سوى بين المواطنين في الحقوق والواجبات وفرض تساويهم أمام القانون.
وعلى المكتوب الوارد من مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب الآتي ذكرهم :
1 ـ بدر الدين عبد الكافي
2 ـ الهادي بن ابراهم
3 ـ فريدة العبيدي
4 ـ محمد محجوب
5 ـ هاجر بوزمي
6 ـ هالة الحامي حسن العماري
7 ـ عصام الماطوسي
8 ـ ألفة الجويني
9 ـ عماد أولاد جريل
10 ـ زينب براهمي
11 ـ الفى الورني
12 ـ شاكر العيادي
13 ـ بسمة الجبالي
14 ـ لخضر بالهوينات
15 ـ سلاف القسطلي
16 ـ لمياء المليح
17 ـ راضية التومي
18 ـ سليم بسباس
19 ـ سفيان طوبال
20 ـ هندى تقية
21 ـ خنساء بن حراث
22 ـ اسماعيل بن محمود
23 ـ حاتم الفرجاني
24 ـ نوال طياش
25 ـ ابتهاج هلال
26 ـ أسماء أبو الهناء
27 ـ عبير عبدلي
28 ـ نور الدين بن عاشور
29 ـ نجلاء السعداوي
30 ـ حسن العماري
والمتضمن ملاحظات في الرد على الطعن المقدم بخصوص مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية وقد تضمنت هذه الملاحظات ما اعتبره أصحاب الرد دحضا للمطاعن المتقدم بيانها من الجوانب المبينة تاليا :
من حيث الشكل :
يرى القائمون بالرد أن عريضة الطعن قد خالفت أحكام الفصل 19 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين باعتبارها جاءت منقوصة من مؤيداتها التي تندرج ضمن الشروط الوجوبية لقبول الطعن، كما أن الصيغ الثلاثة لمشروع القانون المطعون فيه التي تقدم بها نائبان من الطاعنين بتاريخ 19 ماي 2016 لإرفاقها بعريضة الطعن قد وردت خارج الآجال القانونية للطعن ما يحول دون اعتمادها ويكون الطعن بذلك مختلا شكلا ويطلبون رفضه على هذا الأساس.
من حيث الأصل :
عن المطعن المأخوذ من الفصلين 52 و60 من الدستور :
يذهب القائمون بالرد في دحضهم لمقولة الطاعنين المستندة إلى الفصلين 52 و60 من الدستور أنه لم يقدم ضمن الطعن النظر أي دليل على أنه تم اتخاذ إجراءات تحرم المعارضة من حقوقها الدستورية وإن الإجراءات القانونية للمصادقة على مشروع القانون المطعون في دستوريته قد تم احترامها ضرورة أن كل الكتل النيابية بمن في ذلك نواب المعارضة حضروا وشاركوا في النقاش والتصويت في اجتماعات اللجنة المختصة التي تعهدت بالمشروع بتاريخ 3 مارس 2016 بعد يوم من إيداعه بالمجلس.
ويرى القائمون بالرد أنه نظرا للصبغة الاستعجالية لمشروع البنوك والمؤسسات المالية لارتباطه بالتزامات دولية من شأنه التأثير على توازنات ميزانية الدولة استجابة لطلب التسريع المقدم من الحكومة صاحبة المبادرة التشريعية وإلى طلب اللجنة المختصة التي استوفت النقاش بشأنه وحاز على توافق أعضاء اللجنة بمختلف انتماءاتهم قرر مكتب المجلس بتاريخ 9 ماي 2016 وبحضور رؤساء الكتل إحالة المشروع إلى الجلسة العامة وفق الآجال المختصرة للفصل 121 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وفتح باب التعديل بشأنه إلى انتهاء النقاش العام.
ويدعم القائمون بالرد دحضهم لما استند إليه الطاعنون في هذا الخصوص أن الفصل 110 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب يخول إمكانية تعديل جدول الأعمال باقتراح من رئيس المجلس بعد المصادقة على هذا التعديل بأغلبية الأعضاء الحاضرين وهو ما كانت قبلته الجلسة العامة بتاريخ 10 ماي 2016 بإدراج مشروع البنوك والمؤسسات المالية ويشير القائمون بالرد إلى أنه تم تمكين المعارضة كشأن بقية أعضاء المجلس من حقها في الإفصاح عن وجهات نظرها بشأن المشروع في مختلف مراحل مناقشته والمصادقة عليه وتمكينها من مجمل الوثائق المتصلة به وقد احترم المجلس بذلك الضوابط الدستورية وأحكام النظام الداخلي.
ويرى القائمون بالرد أن الآجال المعتمدة هي آجال استنهاضية وتعتبر معقولة ومتلائمة مع خصوصية مشروع القانون وغايتها تنظيم العمل التشريعي وأنه تماشيا مع أحكام الفصل 121 من النظام الداخلي بقي باب التعديلات مفتوحا لكل النواب بمن فيهم المنتمون إلى المعارضة إلى حين ختم النقاش العام، وبناء عليه يرى القائمون بالرد عدم وجاهة هذا المطعن ويطلبون التصريح برفضه.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 2 من الدستور :
يدحض القائمون بالرد مقولة أن مشروع القانون المطعون في دستوريته أحدث مرجعية جديدة وقواعد منطبقة في المجال البنكي لا تستند إلى القانون الوضعي والحال أن المتثبت في فصول هذا المشروع لا يجد أثرا لأية أحكام فيه لا تستند إلى القانون الوضعي وحجة ذلك أن الفصل 11 من مشروع القانون ينص على أن محافظ البنك المركزي يصدر في ظرف شهرين من نفاذ هذا القانون منشورا يعرف عمليات الصيرفية الإسلامية ويضبط صيغ وشروط ممارستها، والمعلوم أن البنك المركزي في قانونه الأساسي يخضع إلى مرجعية القانون الوضعي ولا يمكن اعتباره مرجعية بعيدة عن ذلك وأن مناشيره في نطاق سلطته الترتيبية هي جزء من القانون الوضعي وتكون مرجعا عند الاختلاف بقطع النظر عن مصادرها.
ويرى القائمون بالرد وخلافا لما يدعيه الطاعنون أن هذا المشروع ينصهر في إطار تجسيد مبدأ القانون عبر سد الفراغ التشريعي في مجال الصيرفة الإسلامية بحيث لا يوجد فيه ما يمس من علوية القانون ولا من مدنية الدولة واتجه تبعا لذلك رد هذا المطعن لعدم وجاهته.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 62 من الدستور :
يؤسس القائمون بالرد دحضهم لما ذهب إليه الطاعنون بخصوص الاختلاف الجوهري بين المشروع المقدم من الحكومة والمشروع المحال إلى الجلسة العامة على أن المقارنة بين النصين تخلص إلى أنه تم الاكتفاء بإدخال إضافات وتحسينات عليه بحضور الحكومة في أشغال اللجنة المعنية بموافقتها ومشاركتها في صياغتها بحيث يغدو مشروع القانون متطابقا مع أحكام الفصل 62 من الدستور ويتجه تبعا لذلك التصريح برفض هذا المطعن.
عن المطعن المأخوذ من الفصلين 14 و41 من الدستور :
بين القائمون بالرد في تصديهم لهذا المطعن أنه خلافا لما جاء بالطعن فإنه لا توجد أية لأحكام الفصل 41 من الدستور بل إن المشروع جاء ليقر حماية دنيا للمودعين وهي حماية لا توفرها أحكام القانون الخاص.
وعلى عكس ما يراه الطاعنون فإن القائمين بالرد يرون أن الأمر الحكومي يهدف إلى ضمان الحد الأدنى عند ثبوت عجز البنك عن رد الودائع ولا ينال من حق الملكية ويعلل القائمون بالرد وجاهة ما يذهبون إليه بكون الأوامر الحكومية تخضع إلى رقابة بوجوبية الاستشارة المسبقة أو بقضاء الإلغاء، وعليه يكون الفصل 152 من المشروع محترما للدستور وضوابطه ما يتجه على أساسه رد هذا المطعن.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 21 من الدستور :
ينفي القائمون بالرد ما اتجه إليه الطاعنون بخصوص أن صفة الدائن هي من الحقوق الأساسية للمواطن بل هي من الصفات غير الضرورية والمترتبة عن العلاقات التعاقدية الاختيارية والتي تكون فيها مراكز الأطراف مختلفة فيها بحسب أوضاعهم الاقتصادية، وعلى أساس ذلك فإن المشروع المطعون في دستوريته لا يميز مطلقا بين مواطنين بل بين صنفين من أصناف الدائنين بالرجوع إلى طبيعة نشاطهم كما أن صيغة الفصل 147 من المشروع تميز بين مهني وغير مهني، وتبعا لذلك فإن هذا الفصل جاء مطابقا لأحكام الفصل 21 من الدستور واتجه لذلك التصريح برفض الطعن على أساسه.
وبناء على كل ما تقدم في وثيقة الرد على عريضة الطعن يرى القائمون به مطابقة مشروع القانون لأحكام الدستور ويطلبون التصريح برفض الطعن.
الهـــــــيــئــة
من حيث الشكل
حيث تولى العارضون بتاريخ 18 ماي 2016 تقديم طعنهم في مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية المصادق عليه من مجلس نواب الشعب يوم 12 ماي 2016 كما تولوا الإدلاء بتاريخ 19 ماي 2016 بنسخة من صيغة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية الواردة على مجلس نواب الشعب من الحكومة بتاريخ 2 مارس 2016 ونسخة من صيغة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية المحالة من اللجنة المختصة إلى الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب ونسخة من مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية مثلما تمت المصادقة عليه من قبل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بتاريخ 12 ماي 2016.
وحيث استوفى بناء على ذلك الطعن الماثل جميع مقوماته الشكلية وفقا للإجراءات والأجل الواجب احترامه حسب دلالة الفصول 18 و19 و20 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وبالتالي فهو حري بالقبول من هذه الناحية.
من حيث الموضوع
حيث يعيب الطاعنون وقوع إحالة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية دون حصول مراعاة وجوب توجيه رئيس مجلس نواب الشعب جدول الأعمال إلى أعضاء المجلس بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك قبل أسبوع على الأقل من موعد انعقاد الجلسة العامة أو 48 ساعة في الحالة المستعجلة المختصر فيها الأجل.
وحيث ورد بالفصل 52 من الدستور أنه يضبط مجلس نواب الشعب نظامه الداخلي ويصادق عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه.
وحيث أن النظام الداخلي للمجلس يمثل إطارا يشمل الأحكام والضوابط الكفيلة بضمان مقومات النجاعة وحسن أداء العمل التشريعي يتعين على المجلس الالتزام به مراعاة لحقوق المعارضة والأغلبية في الاطلاع على مشاريع القوانين ودراستها والتقدم في شأنها بمقترحات التعديل عند الاقتضاء مثلما تقتضيه خاصة أحكام الفصل 60 من الدستور.
وحيث نص الفصل 138 من النظام الداخلي على أن يوجه رئيس المجلس جدول الأعمال إلى أعضاء المجلس والحكومة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك قبل أسبوع على الأقل من موعد انعقاد الجلسة العامة ويمكن في الحالات المستعجلة اختصار الأجل إلى 48 ساعة.
وحيث أن هذه الأحكام المتصلة بكيفية وضع النصوص التشريعية والتي تنضوي في مجالها أحكام الفصل 138 من النظام الداخلي تجعلها بالضرورة تستوعب مقتضيات وضوابط دستورية تجب مراعاتها عند النظر في مشاريع القوانين.
وحيث أن إحالة المشروع على الجلسة العامة في غضون الأجل المتعين احترامه والتقيد به هو إجراء جوهري له وثيق الارتباط بقواعد النظام العام الدستوري بحكم تعلقه بتنظيم أسس قواعد العمل التشريعي.
وحيث أن الدفع المحتج به من قبل النواب في نطاق ردهم على الطعن في شأن وقوع احترام جميع الإجراءات القانونية لعرض مشروع القانون وفقا لأحكام الإجراءات المختصرة المنصوص عليها بالفصول 85 و110 و121 من النظام الداخلي تعوزه وجاهة الجدية باعتبار أن هذه الفصول تتعلق بتنظيم أعمال اللجان واختصاصاتها وبالتعديلات الممكن إدخالها على جدول أعمال الجلسة العامة ولا علاقة لها بإجراءات إحالة مشاريع القوانين على هذه الجلسة.
وحيث إن التغاضي عن احترام هذا الإجراء الأساسي يعد خرقا لمقتضيات دستورية يستوعبها الفصل 138 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ويجعل بذلك هذا الوجه من الطعن حريا بالاعتبار ومتجه القبول والاكتفاء بقصر النظر من هذه الناحية دون سواها.
ولهذه الأسباب وعملا بما سلف بيانه وعملا بأحكام الفصلين 20 و23 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 قضت الهيئة بقبول الطعن شكلا وفي الأصل بعدم دستورية الإحالة على الجلسة العامة لمشروع القانون عدد 09/2016 المصادق عليه من مجلس نواب الشعب بتاريخ 12 ماي 2016.
وصدر هذا القرار بالجلسة المنعقدة بمقر الهيئة بباردو يوم الثلاثاء 24 ماي 2016 برئاسة السيد خالد العياري وعضوية السادة عبد السلام المهدي قريصيعة النائب الأول للرئيس وعبد اللطيف الخراط النائب الثاني للرئيس وسامي الجربي وليلى الشيخاوي ولطفي طرشونة.
الرّئيس النائب الأول
خالد العيّاري عبد السّلام المهدي قريصيعة
النائب الثاني عضو
عبد اللطيف الخرّاط سامي الجربي
عضوة عضو
ليلى الشيخاوي لطفي طرشونة
باسم الشعب،
إن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،
بعد الاطلاع على الدستور وخاصة الفصول 2، 15، 21، 41، 52، 60 و62 منه،
وعلى القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وخاصة الفصول 18 و19 و20 منه،
وعلى القرار الجمهوري عدد 89 لسنة 2014 المؤرخ في 22 أفريل 2014 المتعلق بتعيين أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين،
وعلى مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية،
وعلى عريضة الطعن في مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية التي رفعتها مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب يمثلها النائبان عبد الرؤوف الشريف وأحمد الصديق والمرسمة بكتابة الهيئة تحت عدد 01/2016 بتاريخ 18 ماي 2016 وتتضمن النواب الآتي ذكرهم :
عبادة الشنوفي الكافي، مصطفى بن أحمد، سهيل العلويني، محمد الطرودي، الصحبي بن فرج، عبد الرؤوف الشريف، المنذر بلحاج علي، وليد جلاد، توفيق والي، هدى سليم، صلاح البرقاوي، محمد نجيب ترجمان، هاجر العروسي، محمد الناصر جبيرة، خولة بن عائشة، نادية زنقر، سماح بوحوال، رابحة بن حسين، ليلى الزحاف، حسونة الناصفي، مريم بوجبل، طارق البراق، زياد الأخضر، شفيق العيادي، عمار عمروسية، مراد حمايدي، منجي الرحوي، أيمن العلوي، عبد المؤمن بلعانس، مباركة عواينية براهمي، أحمد الصديق، نزار عمامي، هيكل بلقاسم، سعاد بيولي الشفي، فتحي شامخي، جيلاني الهمامي، فيصل التبيني.
وبعد الاطلاع على ما يفيد إعلام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة بترسيم عريضة الطعن المشار إليها ومؤيداتها بكتابة الهيئة،
وقد تضمنت عريضة الطعن طلب التصريح :
أولا : عدم دستورية إجراءات المصادقة :
حيث نعى الطاعنون على هذا المشروع خرق الفصلين 52 و60 من الدستور بحجة أن المالية والتنمية والتخطيط أحالت مشروع القانون المذكور على مكتب المجلس يوم 9 ماي 2016 ليتقرر إحالته على الجلسة العامة يوم 10 ماي 2016 رغم لفت نظر رئيس مجلس نواب الشعب من قبل نواب المعارضة إلى أن هذه الإحالة جاءت للفصل 138 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي ينص على أن توجيه الدعوة للجلسة العامة يكون قبل أسبوع من انعقادها ويختصر هذا الأجل إلى ثمانية وأربعين ساعة في حالة الاستعجال وعليه فإن خرق هذا الفصل من النظام الداخلي هو خرق للفصل 52 من الدستور الذي ينص على أن مجلس نواب الشعب يضبط نظامه الداخلي بالأغلبية المطلقة لأعضائه وللفصل 60 من الدستور الذي ينص على أن المعارضة هي مكون أساسي في مجلس نواب الشعب.
ثانيا : عدم دستورية مضمون بعض أحكام مشروع القانون بحجة :
1 ـ خرق الفصل 2 من الدستور بحجة أن الصيغة النهائية المعروضة على الجلسة العامة للمشروع المطعون فيه تضمنت استبدال تسمية الهيئة المنصوص عليها بالفصل 56 من "هيئة شرعية" إلى "هيئة مراقبة معايير الصيرفة الإسلامية"، وهو تغيير يشمل الاسم دون المسمى ذلك أن المشرع قد أحدث بموجبها مرجعية جديدة وقواعد منطبقة في الميدان البنكي تنافي القانون الوضعي وتحتكم إلى ما جاء بالفقه الإسلامي من قواعد واجتهادات، ذلك أن المشرع وإن كان له أن يستلهم في تشريعه من القواعد الشرعية غير أنه لا يمكنه إنفاذ قواعد الشريعة الإسلامية وجعلها منطبقة مثل القوانين الوضعية وخلاف ذلك فهو خرق للفصل 62 من الدستور الذي ينص على مدنية الدولة وعلوية القانون الوضعي على سائر القواعد والضوابط وإن كانت دينية.
2 ـ خرق الفصل 62 من الدستور بدعوى أن المالية والتنمية والتخطيط قد أدخلت تغييرا جوهريا على الفصل 11 من الصيغة الأصلية للمشروع كما ارتأته الحكومة بأن عوضت صيغة هذا الفصل الذي تضمن إحداث هيئة شرعية قطاعية يعهد لها إصدار المعايير الشرعية المتعلقة بعمليات الصيرفة الإسلامية والمالية الإسلامية... بصيغة جديدة يتولى بموجبها البنك المركزي التونسي مراقبة مطابقة عمليات الصيرفة الإسلامية للمعايير الدولية في هذا المجال، وبهذا التغيير تغيرت كل الآليات الرقابية التي تضمنها مشروع القانون المقدم من الحكومة وعليه تكون اللجنة المذكورة قد عهدت إلى الجلسة العامة بمشروع جديد غير ذلك المعروض عليها من الحكومة ويستند الطاعنون في ذلك إلى ما كانت قد ذهبت إليه هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين في قرارها بتاريخ 8 جوان 2015 بمناسبة النظر في الطعن المرفوع لديها في مشروع القانون عدد 16/2015 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء من حيث، "تعهد الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب للنظر في... حيث رأت الهيئة أنه "لم يراع فيه وجوب المحافظة على عرض مشروع الحكومة بوصفها صاحبة المبادرة التشريعية في هذا الغرض حسب التوجه والتصور المحدد من قبلها تطبيقا لمقتضيات الفصل 62 من الدستور ولا جواز لأية جهة كانت مناهضة هذه القاعدة الدستورية التي تحظى بعلوية مطلقة..."
وبناء على ما تقدم يرى الطاعنون أن المشروع الطعن قد جاء مخالفا للفصل 62 من الدستور واتجه تبعا لذلك التصريح بعدم دستوريته.
3 ـ خرق الفصل 152 من مشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية للفصلين 15 و41 من الدستور بحجة أن هذا الفصل من المشروع المطعون فيه ـ والمتعلق بتعويض صندوق ضمان الودائع البنكية للمودعين في حدود مبلغ أقصى يضبط بأمر حكومي الذي يضبط كذلك طرق وإجراءات التعويض في صورة وحل البنك أو المؤسسة المالية. جاء متعارضا مع الفصل 15 من الدستور عندما تغاضى عن تحديد الضوابط والمعايير في تحديد سقف التعويض الذي تركه للسلطة الترتيبية وهو ما يتنافى مع قواعد الشفافية والنزاهة المنصوص عليها بهذا الفصل من الدستور، كما أن هذا الفصل من المشروع المطعون فيه سمح ـ حسب الطاعنين ـ بإمكانية النيل من حق الملكية بمقتضى أمر حكومي ودون بيان الضمانات الممنوحة للمودع وهو ما يتعارض مع نص الفصل 41 من الدستور بكون "حق الملكية مضمون ولا يمكن النيل منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون".
4 ـ خرق الفصل 147 من مشروع القانون عدد 09–2016 للفصل 21 من الدستور بحجة تمييز المودعين من الأشخاص الطبيعيين غير المهنيين عن بقية المودعين وخاصة منهم المودعون من غير المهنيين وتجاوز ذلك إلى التمييز بين الدائنين الذين تواجدوا في رتبة واحدة من خلال فرض سقف تعويض أقصى حسب ما جاء بالفصل 152 من هذا المشروع، ويذهب الطاعنون إلى أن هذا التمييز لا مبرر له فضلا عن أنه أحدث امتيازا لصفة من المواطنين (بصفتهم مودعين) عن مواطنين آخرين لهم نفس الصفة وفي هذا خرق للفصل 21 من الدستور الذي سوى بين المواطنين في الحقوق والواجبات وفرض تساويهم أمام القانون.
وعلى المكتوب الوارد من مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب الآتي ذكرهم :
1 ـ بدر الدين عبد الكافي
2 ـ الهادي بن ابراهم
3 ـ فريدة العبيدي
4 ـ محمد محجوب
5 ـ هاجر بوزمي
6 ـ هالة الحامي حسن العماري
7 ـ عصام الماطوسي
8 ـ ألفة الجويني
9 ـ عماد أولاد جريل
10 ـ زينب براهمي
11 ـ الفى الورني
12 ـ شاكر العيادي
13 ـ بسمة الجبالي
14 ـ لخضر بالهوينات
15 ـ سلاف القسطلي
16 ـ لمياء المليح
17 ـ راضية التومي
18 ـ سليم بسباس
19 ـ سفيان طوبال
20 ـ هندى تقية
21 ـ خنساء بن حراث
22 ـ اسماعيل بن محمود
23 ـ حاتم الفرجاني
24 ـ نوال طياش
25 ـ ابتهاج هلال
26 ـ أسماء أبو الهناء
27 ـ عبير عبدلي
28 ـ نور الدين بن عاشور
29 ـ نجلاء السعداوي
30 ـ حسن العماري
والمتضمن ملاحظات في الرد على الطعن المقدم بخصوص مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية وقد تضمنت هذه الملاحظات ما اعتبره أصحاب الرد دحضا للمطاعن المتقدم بيانها من الجوانب المبينة تاليا :
من حيث الشكل :
يرى القائمون بالرد أن عريضة الطعن قد خالفت أحكام الفصل 19 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين باعتبارها جاءت منقوصة من مؤيداتها التي تندرج ضمن الشروط الوجوبية لقبول الطعن، كما أن الصيغ الثلاثة لمشروع القانون المطعون فيه التي تقدم بها نائبان من الطاعنين بتاريخ 19 ماي 2016 لإرفاقها بعريضة الطعن قد وردت خارج الآجال القانونية للطعن ما يحول دون اعتمادها ويكون الطعن بذلك مختلا شكلا ويطلبون رفضه على هذا الأساس.
من حيث الأصل :
عن المطعن المأخوذ من الفصلين 52 و60 من الدستور :
يذهب القائمون بالرد في دحضهم لمقولة الطاعنين المستندة إلى الفصلين 52 و60 من الدستور أنه لم يقدم ضمن الطعن النظر أي دليل على أنه تم اتخاذ إجراءات تحرم المعارضة من حقوقها الدستورية وإن الإجراءات القانونية للمصادقة على مشروع القانون المطعون في دستوريته قد تم احترامها ضرورة أن كل الكتل النيابية بمن في ذلك نواب المعارضة حضروا وشاركوا في النقاش والتصويت في اجتماعات اللجنة المختصة التي تعهدت بالمشروع بتاريخ 3 مارس 2016 بعد يوم من إيداعه بالمجلس.
ويرى القائمون بالرد أنه نظرا للصبغة الاستعجالية لمشروع البنوك والمؤسسات المالية لارتباطه بالتزامات دولية من شأنه التأثير على توازنات ميزانية الدولة استجابة لطلب التسريع المقدم من الحكومة صاحبة المبادرة التشريعية وإلى طلب اللجنة المختصة التي استوفت النقاش بشأنه وحاز على توافق أعضاء اللجنة بمختلف انتماءاتهم قرر مكتب المجلس بتاريخ 9 ماي 2016 وبحضور رؤساء الكتل إحالة المشروع إلى الجلسة العامة وفق الآجال المختصرة للفصل 121 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وفتح باب التعديل بشأنه إلى انتهاء النقاش العام.
ويدعم القائمون بالرد دحضهم لما استند إليه الطاعنون في هذا الخصوص أن الفصل 110 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب يخول إمكانية تعديل جدول الأعمال باقتراح من رئيس المجلس بعد المصادقة على هذا التعديل بأغلبية الأعضاء الحاضرين وهو ما كانت قبلته الجلسة العامة بتاريخ 10 ماي 2016 بإدراج مشروع البنوك والمؤسسات المالية ويشير القائمون بالرد إلى أنه تم تمكين المعارضة كشأن بقية أعضاء المجلس من حقها في الإفصاح عن وجهات نظرها بشأن المشروع في مختلف مراحل مناقشته والمصادقة عليه وتمكينها من مجمل الوثائق المتصلة به وقد احترم المجلس بذلك الضوابط الدستورية وأحكام النظام الداخلي.
ويرى القائمون بالرد أن الآجال المعتمدة هي آجال استنهاضية وتعتبر معقولة ومتلائمة مع خصوصية مشروع القانون وغايتها تنظيم العمل التشريعي وأنه تماشيا مع أحكام الفصل 121 من النظام الداخلي بقي باب التعديلات مفتوحا لكل النواب بمن فيهم المنتمون إلى المعارضة إلى حين ختم النقاش العام، وبناء عليه يرى القائمون بالرد عدم وجاهة هذا المطعن ويطلبون التصريح برفضه.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 2 من الدستور :
يدحض القائمون بالرد مقولة أن مشروع القانون المطعون في دستوريته أحدث مرجعية جديدة وقواعد منطبقة في المجال البنكي لا تستند إلى القانون الوضعي والحال أن المتثبت في فصول هذا المشروع لا يجد أثرا لأية أحكام فيه لا تستند إلى القانون الوضعي وحجة ذلك أن الفصل 11 من مشروع القانون ينص على أن محافظ البنك المركزي يصدر في ظرف شهرين من نفاذ هذا القانون منشورا يعرف عمليات الصيرفية الإسلامية ويضبط صيغ وشروط ممارستها، والمعلوم أن البنك المركزي في قانونه الأساسي يخضع إلى مرجعية القانون الوضعي ولا يمكن اعتباره مرجعية بعيدة عن ذلك وأن مناشيره في نطاق سلطته الترتيبية هي جزء من القانون الوضعي وتكون مرجعا عند الاختلاف بقطع النظر عن مصادرها.
ويرى القائمون بالرد وخلافا لما يدعيه الطاعنون أن هذا المشروع ينصهر في إطار تجسيد مبدأ القانون عبر سد الفراغ التشريعي في مجال الصيرفة الإسلامية بحيث لا يوجد فيه ما يمس من علوية القانون ولا من مدنية الدولة واتجه تبعا لذلك رد هذا المطعن لعدم وجاهته.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 62 من الدستور :
يؤسس القائمون بالرد دحضهم لما ذهب إليه الطاعنون بخصوص الاختلاف الجوهري بين المشروع المقدم من الحكومة والمشروع المحال إلى الجلسة العامة على أن المقارنة بين النصين تخلص إلى أنه تم الاكتفاء بإدخال إضافات وتحسينات عليه بحضور الحكومة في أشغال اللجنة المعنية بموافقتها ومشاركتها في صياغتها بحيث يغدو مشروع القانون متطابقا مع أحكام الفصل 62 من الدستور ويتجه تبعا لذلك التصريح برفض هذا المطعن.
عن المطعن المأخوذ من الفصلين 14 و41 من الدستور :
بين القائمون بالرد في تصديهم لهذا المطعن أنه خلافا لما جاء بالطعن فإنه لا توجد أية لأحكام الفصل 41 من الدستور بل إن المشروع جاء ليقر حماية دنيا للمودعين وهي حماية لا توفرها أحكام القانون الخاص.
وعلى عكس ما يراه الطاعنون فإن القائمين بالرد يرون أن الأمر الحكومي يهدف إلى ضمان الحد الأدنى عند ثبوت عجز البنك عن رد الودائع ولا ينال من حق الملكية ويعلل القائمون بالرد وجاهة ما يذهبون إليه بكون الأوامر الحكومية تخضع إلى رقابة بوجوبية الاستشارة المسبقة أو بقضاء الإلغاء، وعليه يكون الفصل 152 من المشروع محترما للدستور وضوابطه ما يتجه على أساسه رد هذا المطعن.
عن المطعن المأخوذ من الفصل 21 من الدستور :
ينفي القائمون بالرد ما اتجه إليه الطاعنون بخصوص أن صفة الدائن هي من الحقوق الأساسية للمواطن بل هي من الصفات غير الضرورية والمترتبة عن العلاقات التعاقدية الاختيارية والتي تكون فيها مراكز الأطراف مختلفة فيها بحسب أوضاعهم الاقتصادية، وعلى أساس ذلك فإن المشروع المطعون في دستوريته لا يميز مطلقا بين مواطنين بل بين صنفين من أصناف الدائنين بالرجوع إلى طبيعة نشاطهم كما أن صيغة الفصل 147 من المشروع تميز بين مهني وغير مهني، وتبعا لذلك فإن هذا الفصل جاء مطابقا لأحكام الفصل 21 من الدستور واتجه لذلك التصريح برفض الطعن على أساسه.
وبناء على كل ما تقدم في وثيقة الرد على عريضة الطعن يرى القائمون به مطابقة مشروع القانون لأحكام الدستور ويطلبون التصريح برفض الطعن.
الهـــــــيــئــة
من حيث الشكل
حيث تولى العارضون بتاريخ 18 ماي 2016 تقديم طعنهم في مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية المصادق عليه من مجلس نواب الشعب يوم 12 ماي 2016 كما تولوا الإدلاء بتاريخ 19 ماي 2016 بنسخة من صيغة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية الواردة على مجلس نواب الشعب من الحكومة بتاريخ 2 مارس 2016 ونسخة من صيغة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية المحالة من اللجنة المختصة إلى الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب ونسخة من مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية مثلما تمت المصادقة عليه من قبل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بتاريخ 12 ماي 2016.
وحيث استوفى بناء على ذلك الطعن الماثل جميع مقوماته الشكلية وفقا للإجراءات والأجل الواجب احترامه حسب دلالة الفصول 18 و19 و20 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وبالتالي فهو حري بالقبول من هذه الناحية.
من حيث الموضوع
حيث يعيب الطاعنون وقوع إحالة مشروع القانون عدد 09/2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية دون حصول مراعاة وجوب توجيه رئيس مجلس نواب الشعب جدول الأعمال إلى أعضاء المجلس بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك قبل أسبوع على الأقل من موعد انعقاد الجلسة العامة أو 48 ساعة في الحالة المستعجلة المختصر فيها الأجل.
وحيث ورد بالفصل 52 من الدستور أنه يضبط مجلس نواب الشعب نظامه الداخلي ويصادق عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه.
وحيث أن النظام الداخلي للمجلس يمثل إطارا يشمل الأحكام والضوابط الكفيلة بضمان مقومات النجاعة وحسن أداء العمل التشريعي يتعين على المجلس الالتزام به مراعاة لحقوق المعارضة والأغلبية في الاطلاع على مشاريع القوانين ودراستها والتقدم في شأنها بمقترحات التعديل عند الاقتضاء مثلما تقتضيه خاصة أحكام الفصل 60 من الدستور.
وحيث نص الفصل 138 من النظام الداخلي على أن يوجه رئيس المجلس جدول الأعمال إلى أعضاء المجلس والحكومة بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وذلك قبل أسبوع على الأقل من موعد انعقاد الجلسة العامة ويمكن في الحالات المستعجلة اختصار الأجل إلى 48 ساعة.
وحيث أن هذه الأحكام المتصلة بكيفية وضع النصوص التشريعية والتي تنضوي في مجالها أحكام الفصل 138 من النظام الداخلي تجعلها بالضرورة تستوعب مقتضيات وضوابط دستورية تجب مراعاتها عند النظر في مشاريع القوانين.
وحيث أن إحالة المشروع على الجلسة العامة في غضون الأجل المتعين احترامه والتقيد به هو إجراء جوهري له وثيق الارتباط بقواعد النظام العام الدستوري بحكم تعلقه بتنظيم أسس قواعد العمل التشريعي.
وحيث أن الدفع المحتج به من قبل النواب في نطاق ردهم على الطعن في شأن وقوع احترام جميع الإجراءات القانونية لعرض مشروع القانون وفقا لأحكام الإجراءات المختصرة المنصوص عليها بالفصول 85 و110 و121 من النظام الداخلي تعوزه وجاهة الجدية باعتبار أن هذه الفصول تتعلق بتنظيم أعمال اللجان واختصاصاتها وبالتعديلات الممكن إدخالها على جدول أعمال الجلسة العامة ولا علاقة لها بإجراءات إحالة مشاريع القوانين على هذه الجلسة.
وحيث إن التغاضي عن احترام هذا الإجراء الأساسي يعد خرقا لمقتضيات دستورية يستوعبها الفصل 138 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ويجعل بذلك هذا الوجه من الطعن حريا بالاعتبار ومتجه القبول والاكتفاء بقصر النظر من هذه الناحية دون سواها.
ولهذه الأسباب وعملا بما سلف بيانه وعملا بأحكام الفصلين 20 و23 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 قضت الهيئة بقبول الطعن شكلا وفي الأصل بعدم دستورية الإحالة على الجلسة العامة لمشروع القانون عدد 09/2016 المصادق عليه من مجلس نواب الشعب بتاريخ 12 ماي 2016.
وصدر هذا القرار بالجلسة المنعقدة بمقر الهيئة بباردو يوم الثلاثاء 24 ماي 2016 برئاسة السيد خالد العياري وعضوية السادة عبد السلام المهدي قريصيعة النائب الأول للرئيس وعبد اللطيف الخراط النائب الثاني للرئيس وسامي الجربي وليلى الشيخاوي ولطفي طرشونة.
الرّئيس النائب الأول
خالد العيّاري عبد السّلام المهدي قريصيعة
النائب الثاني عضو
عبد اللطيف الخرّاط سامي الجربي
عضوة عضو
ليلى الشيخاوي لطفي طرشونة
هل كانت هذه المعلومات مفيدة لك؟
أو إكتشف أكثر نصوص قانونية على منصة قانون